وردفاست - لماذا؟
لنعتبرها خواطر سريعة حول Wordfast، والحقيقة أن مثلها وأكثر يمكن استقاؤه من الأدلة والوسائط المتعددة على موقع الشركة بالإضافة إلى مجموعتها البريدية. وما أطرحه هنا ما هو إلا ملاحظاتي التي أسجلها بين حين وآخر للتذكرة، من خلال الاستخدام العملي. ولا أستبعد أن يستفيد من خواطري هذه المتطلعون إلى الدخول إلى عالم أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب، من بوابة وردفاست!
ولا أستبعد إطلاقا أن يسألني سائل: وما هو وردفاست؛ فأنا نفسي سألتُ هذا السؤال من قبل. ووردفاست هو برنامج من برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب، بسيط بالنظر إلى مظهره وتركيبه واستخدامه، احترافي بالنظر إلى برمجته. يعتمد على ما يعرف باسم "ذاكرة الترجمة" Translation Memory، والكثير من المعلومات الهامة على الرابط السابق، لكن باختصار أقول: إن الذي يتعرف إلى ذاكرات الترجمة، سيستعجب كيف عمل بالترجمة كل المدة السابقة بدونها!
والحقيقة أن العديد من العملاء صاروا يشترطون استخدام برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب. وهو ما يعني أن تعلم مثل هذه البرامج صار أحد سبل الإدراج ضمن قاعدة بيانات مثل أولئك العملاء. ولكن ما سر هذا الاهتمام؟
لنفترض أنك مترجم قانوني. أتخيل قدر الملفات ونماذج العقود التي تحتفظ بها في مكتبك، وأتخيل كم مرة مرت عليك عبارة قانونية، أدركتَ يقينا أنها مرت عليك من قبل، لكنك لا تذكر الصيغة المناسبة لها. أما مع استخدام ذاكرة ترجمة، فلست محتاجا لكل هذا العناء، فذاكرة الترجمة ستتذكر -نيابة عنك- وحداتك الترجمية التي ترجمتها من قبل، لاسيما أن ترجمة مثل الترجمة القانونية لها أساليبها الخاصة، يعد التكرار فيها عيبا وميزة في آن واحد: عيب لو نسيت الصيغة المناسبة، التي تتكرر في المناسبة قيد الترجمة، وميزة لو استطعت استرجاع هذه الصيغ بسهولة ويسر، ولم تضطر لإعادة البحث عنها يدويا. ولعل مثل ذلك العديد من التخصصات الترجمية الدقيقة، وإن اختلفت الطريقة والأهمية.
الآن، أحسب أن من شبه المستحيل ترجمة موقع كبير دون الاعتماد على ذاكرة ترجمة. وعن تجربة، أحكي لكم ما يحدث عندئذ: كمية كبيرة من الملفات، وعدد من المترجمين، ووقت محدود، وكمية من التكرارات، التي لا يصلح النسخ واللصق المجتمع فيها، والنتيجة: إهدار نفس الوقت في إعادة ترجمة وحدات ترجمية طويلة أو قصيرة، متكررة بكثرة في الموقع، قد تصل إلى نصف ملف، ونظرا لمرور وقت بين ترجمة ملف وآخر، قد ينسى المترجم الصيغة التي ترجم بها في ملف سابق، أو يصعب عليه إيجاد هذا الملف، وقد تواجه هذه الوحدات مترجمين مختلفين، فيترجم كل منهم بطريقته، والنتيجة النهائية هي ظهور الموقع بشكل متضارب، والاضطرار إلى إهدار وقت كبير في مراجعته، لتحقيق الاتساق بين أجزائه. ومن أبسط درجات الفوضى الحاصلة أن تترجم كلمة مثل mobile بعدة طرق في موقع واحد! أما باستخدام الذاكرة الترجمية، وما تحويه من مسارد، ومراجعة مدير المشروع لها، وتوزيعها على المترجمين، في مراحل متعددة من المشروع، حسب حجمه، فالوحدة الترجمية المتكررة، أو المصطلح الوارد في المسارد المرفقة، يظهر أمام المترجم بوضوح، ليقول له: استخدمني، ولا تستخدم غيري إلا عند الحاجة، ويمكن بالتالي توفير الكثير من الجهد من جانبين، أثناء الترجمة، وأثناء المراجعة.
ربما تقول: علمت أنه يوجد الكثير من البرامج المماثلة، فلم وردفاست؟ شخصيا بدأتُ استعمال وردفاست في عملي الخاص، وليس مطلوب مني استعمال ذاكرة ترجمية. وهو ما يعني أن لدي قناعة شخصية تتمثل في عدة أمور، ولنأخذها بالترتيب المنطقي لها، بدءا من الحصول عليه:
- ليس عليك أن تكون قرصانا ولا مليونيرا لتحصل عليه. كل ما عليك تنزيله من موقعه؛ فالنسخة التجريبية تتيح لك الاستخدام الكامل على مستوى الكيف، وما يحدك هو الكم، وقد لا تجد عائقا من هذه النقطة، ومع الوقت ستعرف السبب. وإن احتجت إلى رخصة للحصول على كم غير محدود، فستجد السعر معقولا وممكنا.
- خفيف، سهل التركيب، يمكن أن تحمله معك إلى أي جهاز. وفوق ذلك، لن يطلب منك تحميل تطبيقات إضافية مثل الدوت نت أو الجافا مثلا، كما يحدث في بعض البرامج المماثلة.
- النقطة الهامة لدي جدا هي المسارد. في بضع دقائق، يمكنك إدراج مساردك القديمة من ملفات إكسيل، أو ضم ملفات من على الإنترنت. الكميات المبعثرة من المصطلحات يمكن (إدارتها) بطريقة في غاية السهولة والسرعة. تذكر عبارة "إدارة المصطلحات" Terminology Management، حتى يمكنك مقارنة وردفاست بغيره مستقبلا، في هذه النقطة.
- العديد من الميزات الأخرى الهامة أثناء العمل والمراجعة وغيرهما توجد في وردفاست.
- والسؤال: لم عليّ أن أحمِل ساعة كبيرة وبإمكاني أن أحمل ساعة يد صغيرة. هكذا الحال في وردفاست، لكن ما يميزه عن غيره من البرامج (حتى الخفيفة منها) هو أنه دائب التطور، حريص على المواكبة، بل أحسب أن مطوريه يسعون للريادة قريبا.